التحولات السياسية التي مرت بها الكثير من الدول العربية بشكل عام والمغرب بشكل خاص منذ سنة 2011م، أعادتفئة الشباب إلى واجهة الأحداث، من خلال الاهتمام الذي أبدوه من جديد بأمور السياسية الوطنية، والمطالبةبحقهم الطبيعي في المشاركة السياسية، فأمام فشل الأحزاب السياسية، سيساعد الشباب التطور الحاصل في ميدانتكنولوجيا الإعلام والاتصال، على إيجاد بديل وخلق فرص جديدة لممارسة السياسة، دون التعرض للإقصاء أوالمتابعة من النظام الأمني، لذلك كانت مواقع التواصل الاجتماعي هي البديل الأنسب لهم للتعبير عن آرائهمالسياسية، والبحث عن الآليات التي تضمن لهم ممارسة حقهم في العمل السياسي، وترجم هذا العمل بإحداثمجموعة شبابية تطلق على نفسها جيل زد Z تدعو عبر منصات التواصل الاجتماعي للتظاهر في مختلف المدنالمغربية للمطالبة بإصلاح التعليم والصحة والشغل…
إن فقدان الثقة في كافة مخرجات الحكومة الحالية، التي اعتمدت على سياسية التقشف واستمرار الوهم لمدةطويلة، وعلى إقصاء القوى المجتمعية من حقها في المشاركة السياسية، جعل من فئة الشباب من كافة المدن(الرباط، طنجة، …) الخروج إلى الشارع تلبية لنداء مجموعة جيل زد Z للتعبير بحرية عن آرائهم ومطالبهمالدستورية المشروعة والسلمية.
إلى جانب ذلك، يعتبر المجتمع المغربي مجتمعاً فتيا، الأمر الذي سيستلزم من السلطة الحكومية، الاعتراف بأن فئةالشباب قوة مجتمعية يجب دمجها في الحياة السياسية، وليست مجرد فئة يبقى الحديث عنها بأسلوب الوصاية،دون المبادرة لإشراكهم في مختلف تفاصيل الحياة السياسية الوطنية، إما بطرق مباشرة أو غير مباشرة، مادام أنتفعيل لدور فئة الشباب في المجال السياسي، يندرج ضمن المسارات التي ستخلص إلى الحكامة الجيدة، خاصة فيظل التعددية الحزبية.
على الرغم من ذلك، وما تداولته مختلف وسائل التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية، فإن فئة الشباب فيالمغرب، لم تستهويه أفكار العمل السياسي الحزبي الرسمي، بل استهوته تجربة الحركات الاحتجاجية، التي دائماً ماينخرط فيها بقوة كممارسة سياسية جماعية، فالشباب المغربي لطالما حمل صورة سلبية عن واقع هذه الأحزاب،والعمل السياسي برمته، الأمر الذي دفع هذه الفئة إلى الحركات الاحتجاجية بمختلف المدن تنديداً بفشل الحكومةفي تنزيل الإصلاحات الاجتماعية خاصة الصحة والتعليم والشغل…
فغياب عنصر الاستدامة في نشاط الأحزاب السياسية المغربية، أن يقتصر نشاطها في الغالب أثناء المناسباتالانتخابية حيث تجد نفسها مجبرة على الاحتكاك بالمواطنين، الشيء الذي جعل الشباب المغربي على وجهالخصوص يقتنع بمدى براغماتية هذه الأحزاب، على حساب دورها الرئيس كوسيط بين القاعدة الشعبية والسلطةالسياسية، الأمر الذي قاد الشباب للنفور منها، مادامت الأحزاب السياسية كيانات مرادفا لمفاهيم الفساد السياسي.
إن واقع الشباب المغربي اليوم، حافل بمختلف المشاكل ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي (الصحة، التعليمالبطالة، …) التي انعكست سلبًا على المجتمع المغربي. كما واجهت حركاتهم الاحتجاجية باعتقالات في جميعالفئات ذكوراً وإناثاً، ضاربنا عرض الحائط حقهم الدستوري في الاحتجاجات السلمية والتعبير عن حقوقهمالدستورية، التي ظل المجتمع المغربي بشكل عام والشباب بشكل خاص يعاني من تفاقم المشاكل الاجتماعيةوالاقتصادية والسياسية في البلاد، دون وجود حل لها، وهكذا تتفاقم الأزمات …
عزيز النوالي – الشاون24